شبكة عراق نت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كتاب الطهارة | الغسل | الجزء الثاني

اذهب الى الأسفل

كتاب الطهارة | الغسل | الجزء الثاني Empty كتاب الطهارة | الغسل | الجزء الثاني

مُساهمة من طرف iraqnt الخميس 7 مايو - 21:03

الفصل السادس الاستبراء والاستظهار



إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة عن ظاهر الفرج، فإن احتملت بقاءه في الداخل وجب عليها الاستبراء ولا يجوز لها ترك العبادة بدونه، فإن خرجت القطنة ملوّثة بقيت على التحيّض - كما سيأتي - وإن خرجت نقيّة اغتسلت وعملت عمل الطاهرة، إلّا مع اعتياد تخلّل النقاء على وجهٍ تعلم أو تطمئنّ بعود الدم قبل انتهاء العشرة من حين ابتدائه فإنّ عليها حينئذٍ أن تجمع بين أحكام الطاهرة والحائض على ما تقدّم.
وكيفيّة الاستبراء أن تدخل قطنة وتتركها في موضع الدم وتصبر أزيد من الفترة اليسيرة التي يتعارف انقطاع الدم فيها مع بقاء الحيض كما تقدّم.
وإذا تركت الاستبراء لعذر - من نسيان أو نحوه - واغتسلت، وصادف براءة الرحم صحّ غسلها، وإن تركته - لا لعذر - صحّ غسلها أيضاً إذا صادف براءة الرحم وحصل منها نيّة القربة.
وإن لم ‏تتمكّن من الاستبراء - لظلمة أو عمى مثلاً - فحكمها البقاء على التحيّض حتّى تعلم بالنقاء، وإن كان الأحوط الأولى لها أن تجمع بين أحكام الطاهرة - ومنها الاغتسال للصلاة - وأحكام الحائض إلى أن تعلم بالنقاء فتعيد الغُسل وتقضي الصوم.
مسألة 220: إذا انقطع الدم واستبرأت فخرجت القطنة ملوّثة ولو بالصفرة، فإن كانت مبتدئة، أو لم‏ تستقرّ لها عادة، أو كانت عادتها عشرة بقيت على التحيّض إلى تمام العشرة، أو يحصل لها العلم بالنقاء قبلها، وإن شكّت فيه أعادت الاستبراء، وإذا كانت ذات عادة دون العشرة فإن كان الاستبراء في أيّام العــــــادة، بقيــــت على التحيّض إلى أن تتمّها إلّا أن يحصل لها العلم بالنقاء قبله، وإن شكّت فيه أعادت الاستبراء كما تقدّم.
وإذا كان بعد انقضاء العادة فإن علمت انقطاع الدم قبل العشرة بقيت على التحيّض إلى حين الانقطاع، وإن علمت تجاوزه عنها اغتسلت وأتت بأعمال المستحاضة، ومع التردّد بين الأمرين بأن احتملت الانقطاع في اليوم العاشر أو قبله فالأحوط الأولى أن تستظهر بيوم (والاستظهار هو الاحتياط بترك العبادة) ثُمَّ تغتسل من الحيض وتعمل عمل المستحاضة، ولها أن تستظهر أزيد من يوم إلى تمام العشرة ما لم ‏يظهر لها حال الدم، وأنّه ينقطع على العشرة أو يستمرّ إلى ما بعد العشرة، وإلّا عملت حسب علمها كما مرّ آنفاً.
ثُمَّ إنّ ما ذكر من الاستظهار لـذي العادة يختــصّ بالحائــض التي تمادى بهــا الــدم - كما هو محلّ الكلام - ولا يشمل من استحاضت قبل أىّام عادتها واستمرّ بها الدم حتّى تجاوز العادة، فإنّه لا ىشرع لها الاستظهار، بل أنّ عليها أن تعمل عمل المستحاضة بعد انقضاء أيّام العادة.

الفصل السابع حكم تجاوز الدم عن العشرة وبعض المسائل المتعلّقة بالعادة



مسألة 221: قد عرفت حكم الدم المستمرّ إذا انقطع على العشرة في ذات العادة وغيرها، وأمّا إذا تجاوز العشرة قليلاً كان أو كثيراً وكانت المرأة ذات عادة وقتيّة وعدديّة جعلت ما في العادة حيضاً وإن كان فاقداً للصفات، والزائد عليها استحاضة وإن كان واجداً لها، سواء أمكن جعل الواجد أيضاً حيضاً - منضمّاً أو مستقلّاً - أم لم يمكن، هذا إذا لم ‏يتخلّل نقاء في البين - كما هو مفروض الكلام - وإلّا فربّما يحكم بحيضيّة الواجد منضمّاً كما إذا كانت عادتها ثلاثة مثلاً ثُمَّ انقطع الدم، ثُمَّ عاد بصفات الحيض ثُمَّ رأت الدم الأصفر فتجاوز العشرة فإنّ الظاهر في مثله جعل الدم الواجد للصفات مع ما في العادة حيضاً، وأمّا النقاء المتخلّل بين الدمين فالأحوط لزوماً أن تجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض.
مسألة 222: المبتدئة وهي: المرأة التي ترى الدم لأوّل مرّة، والمضطربة وهي: التي تكرّرت رؤيتها للدّم ولم‏ تستقرّ لها عادة، إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة فله حالتان:
الأُولى: أن يكون واجداً للتمييز بأن يكون الدم المستمرّ بعضه بصفة الحيض وبعضه بصفة الاستحاضة.
والثانية: أن يكون فاقداً له بأن يكون ذا لون واحد وإن اختلفت مراتبه كما إذا كان الكلّ بصفة دم الحيض ولكن بعضه أسود وبعضه أحمر أو كان الجميع بصفة دم الاستحاضة، ـــ أي أصفر ـــ مع اختلاف درجات الصفرة.
ففي الحالة الأُولى: تجعل الدم الفاقد لصفة الحيض استحاضة كما تجعل الدم الواجد لها حيضاً مطلقاً إذا لم‏ يلزم من ذلك محذور عدم فصل أقلّ الطهر - أي عشرة أيّام - بين حيضتين مستقلّتين وإلّا جعلت الثاني استحاضة أيضاً، هذا إذا لم يكن الواجد أقلّ من ثلاثة أيّام ولا أكثر من العشرة، وأمّا مع كونه أقلّ أو أكثر فلا بُدَّ في تعيين عدد أيّام الحيض من الرجوع إلى أحد الطريقين الآتيين في الحالة الثانية بتكميل العدد إذا كان أقلّ من ثلاثة بضمّ بعض أيّام الدم الفاقد لصفة الحيض، وتنقيصه إذا كان أكثر من العشرة بحذف بعض أيّام الدم الواجد لصفة الحيض، ولا يحكم بحيضيّة الزائد على العدد.
وأمّا في الحالة الثانية: فالمبتدئة تقتدي ببعض نسائها في العدد، ويعتبر فيمن تقتدي بها أمران:
الأوّل: عدم العلم بمخالفتها معها في مقدار الحيض، فلا تقتدي المبتدئة بمن كانت قريبة من سنّ اليأس مثلاً.
الثاني: عدم العلم بمخالفة عادة من تريد الاقتداء بها مع عادة من يماثلها من سائر نسائها.
وإذا لم ‏يمكن الاقتداء ببعض نسائها كانت مخيّرة في كلّ شهر في التحيّض فيما بين الثلاثة إلى العشرة، ولكن ليس لها أن تختار عدداً تطمئنّ بأنّه لا يناسبها، والأحوط استحباباً اختيار السبع إذا لم ‏يكن غير مناسب لها.
وأمّا المضطربة فالأحوط وجوباً أن ترجع إلى بعض نسائها فإن لم ‏يمكن رجعت إلى العدد على النحو المتقدّم، هذا إذا لم‏ تكن ذات عادة أصلاً، وأمّا إذا كانت ذات عادة ناقصة بأن كان لأيّام دمها عدد (فوق الثلاثة) لا ينقص عنه كأن لم‏ تكن ترى الدم أقلّ من خمسة أيّام، أو كان لها عدد (دون العشرة) لا تزيد عليه كأن لم‏ تكن ترى الدم أكثر من ثمانية أيّام، أو كان لها عدد من كلا الجانبين (قلّة وكثرة) كأن لم‏ تكن ترى الدم أقلّ من خمسة ولا أكثر من ثمانية فليس لها أن تأخذ بأحد الضوابط الثلاثة في مورد منافاتها مع تلك العادة الناقصة.
مسألة 223: إذا كانت ذات عادة عدديّة فقط ونسيت عادتها ثُمَّ رأت الدم ثلاثة أيّام أو أكثر ولم‏ يتجاوز العشرة كان جميعه حيضاً، وأمّا إذا تجاوزها فحكمها في ذلك كلّه حكم المبتدئة المتقدّم في المسألة السابقة، ولكنّها تمتاز عنها في موردين:
1. ما إذا كان العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط الثلاثة المتقدّمة أقلّ من المقدار المتيقّن من عادتها، كما إذا كان العدد المفروض سبعة وهي تعلم أنّ عادتها المنسيّة إمّا كانت ثمانية أو تسعة، ففي مثل ذلك لا بُدَّ أن تجعل القدر المتيقّن من عادتها حيضاً وهو الثمانية في المثال.
2. ما إذا كان العدد المفروض أكبر من عادتها كما إذا كان ثمانية وهي تعلم بأنّ عادتها كانت خمسة أو ستّة، ففي مثل ذلك لا بُدَّ أن تجعل أكبر عدد تحتمل أنّه كان عادة لها حيضاً وهو الستّة في المثال.
وأمّا في غير هذين الموردين فلا عبرة بالعدد المنسيّ، ولكنّها إذا احتملت العادة فيما زاد على العدد المفروض فالأحوط الأولى أن تعمل فيه بالاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.
مسألة 224: إذا كانت ذات عادة وقتيّة فقط فنسيتها وتجاوز الدم عن العشرة، فحكمها ما تقدّم في المبتدئة من لزوم الرجوع إلى التمييز أو الرجوع إلى بعض نسائها أو اختيار العدد على التفصيل المتقدّم، ولا خصوصيّة للمقام إلّا في موردين:
الأوّل: ما إذا علمت بأنّ زماناً خاصّاً - أقلّ من الثلاثة - ترى فيه الدم فعلاً جزء من عادتها الوقتيّة ولكنّها نسيت مبدأ الوقت ومنتهاه، فحكمها حينئذٍ لزوم التمييز بالدم الواجد للصفات المشتمل على ذلك الزمان، وأمّا مع عدم الاشتمال عليه فتعتبر فاقدة للتمييز فتختار العدد المشتمل عليه على التفصيل المتقدّم.
الثاني: ما إذا لم‏ تعلم بذلك، ولكنّها علمت بانحصار زمان الوقت في بعض الشهر كالنصف الأوّل منه وحينئذٍ فلا أثر للدم الواجد للصفة إذا كان خارجاً عنه، كما أنّه ليس لها اختيار العدد في غيره، هذا والأحوط الأولى لها أن تحتاط في جميع أيّام الدم مع العلم بالمصادفة مع وقتها إجمالاً.
مسألة 225: إذا كانت ذات عادة عدديّة ووقتيّة فنسيتها ففيها صور :
الأُولى: أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد والحكم فيها هو الرجوع في العدد إلى عادتها وفي الوقت إلى التمييز على التفصيل المتقدّم في المسألة السابقة، ومع عدم إمكان الرجوع إليه تجعل العدد في أوّل رؤية الدم إذا أمكن جعله حيضاً، وإلّا فتجعله بعده كما إذا رأت الدم المتجاوز عن العشرة بعد الحيض السابق من دون فصل عشرة أيّام بينهما.
الثانية: أن تكون حافظة للوقت وناسية للعدد، ففي هذه الصورة مع تذكّرها مبدأ الوقت تجعل ما تراه من الدم في وقتها المعتاد - بصفة الحيض أو بدونها - حيضاً، فإن لم‏ يتجاوز العشرة فجميعه حيض، وإن تجاوزها فعليها أن ترجع في تعيين العدد إلى التمييز إن أمكن، وإلّا فإلى بعض أقاربها، وإن لم يمكن الرجوع إلى الأقارب أيضاً فعليها أن تختار عدداً مخيّرة بين الثلاثة إلى العشرة، نعم لا عبرة بشيء من الضوابط الثلاثة في موردين تقدّم بيانهما في المسألة (223).
الثالثة: أن تكون ناسية للوقت والعدد معاً، والحكم في هذه الصورة وإن كان يظهر ممّا سبق إلّا أنّا نذكر فروعاً للتوضيح:
الأوّل: إذا رأت الدم بصفة الحيض أيّاماً لا تقلّ عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة كان جميعه حيضاً، وأمّا إذا كان أزيد من عشرة ولم‏ تعلم بمصادفته لأيّام عادتها تحيّضت به وترجع في تعيين عدده إلى بعض أقاربها، وإلّا فتختار عدداً بين الثلاثة والعشرة على التفصيل المشار إليه في الصورة الثانية.
الثاني: إذا رأت الدم بصفة الحيض أيّاماً لا تقلّ عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة، وأيّاماً بصفة الاستحاضة ولم‏ تعلم بمصادفة ما رأته من الدم مع أيّام عادتها جعلت ما بصفة الحيض حيضاً وما بصفة الاستحاضة استحاضة إلّا في موردين تقدّم بيانهما في المسألة (223).
الثالث: إذا رأت الدم وتجاوز عشرة أيّام وعلمت بمصادفته لأيّام عادتها فوظيفتها الرجوع إلى التمييز إن أمكن وإلّا فإلى بعض نسائها، فإن لم ‏يمكن الرجوع إليهن أيضاً فعليها أن تختار عدداً بين الثلاثة والعشرة، ولا أثر للعلم بالمصادفة مع الوقت إلّا في موردين تقدّم التعرّض لهما في المسألة (224) وإنّما ترجع إلى العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط الثلاثة المتقدّمة فيما إذا لم يكن أقلّ من القدر المتيقّن من عددها المنسيّ ولا أزيد من أكبر عدد تحتمل أن تكون عليه عادتها، وأمّا في هذين الموردين فحكمها ما تقدّم في المسألة (223).
مسألة 226: لا تثبت العادة الشرعيّة المركّبة، فإذا رأت المرأة الدم في الشهر الأوّل ثلاثة وفي الشهر الثاني أربعة وفي الشهر الثالث ثلاثة وفي الشهر الرابع أربعة لا تكون بذلك ذات عادة في شهر الفرد ثلاثة وفي شهر الزوج أربعة بل حكمها حكم المضطربة المتقدّم في المسألة (222)، نعم لو تكرّرت رؤية الدم بالكيفيّة المذكورة أو ما يشبهها مراراً كثيرة بحيث صدق عرفاً أنّها عادتها وأيّامها لزم الأخذ بها.

الفصل الثامن أحكام الحيض



مسألة 227: لا يصحّ من الحائض شيء ممّا يشترط فيه الطهارة من العبادات كالصلاة والصيام والاعتكاف والطواف الواجب بل والمندوب أيضاً على الأحوط وجوباً، ويحرم عليها جميع ما يحرم على الجنب ممّا تقدّم، ومنه المكث في المساجد الملازم للأخيرين.
مسألة 228: يحرم وطؤها في القُبُل - عليها وعلى الفاعل - بل قيل إنّه من الكبائر، بل الأحوط وجوباً ترك إدخال بعض الحشفة أيضاً، أمّا وطؤها في الدُّبُر فيكره كراهة شديدة مع رضاها، وأمّا مع عدمه فالأحوط لزوماً تركه.
ولا بأس بالاستمتاع بها بغير ذلك وإن كره بما تحت المئزر ممّا بين السرّة والركبة، وإذا نقيت من الدم جاز وطؤها وإن لم ‏تغتسل، ولكن الأحوط وجوباً أن تغسل فرجها قبل الوطء.
مسألة 229: الأحوط استحباباً للزوج - دون الزوجة - الكفّارة عن الوطء في أوّل الحيض بدينار، وفي وسطه بنصف دينار وفي آخره بربع دينار .
والدينار هو (18) حُمّصة من الذهب المسكوك، والأحوط استحباباً أيضاً دفع الدينار نفسه مع الإمكان، وإلّا دفع القيمة وقت الدفع، ولا شيء على الساهي والناسي والجاهل بالموضوع أو الحكم.
مسألة 230: لا يصحّ طلاق الحائض وظهارها إذا كانت مدخولاً بها - ولو دُبُراً - وكان زوجها حاضراً أو في حكمه - على ما سيأتي تفصيله في كتاب الطلاق - إلّا أن تكون مستبينة الحمل فلا بأس به حينئذٍ، وإذا طلّقها على أنّها حائض فبانت طاهرة صحّ، وإن عكس فسد.
مسألة 231: يجب الغُسل من حدث الحيض لكلّ مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر، ويستحبّ للكون على الطهارة، وهو كغسل الجنابة في الكيفيّة من الارتماس والترتيب، ويجزئ عن الوضوء كغسل الجنابة، وإن كان الأحوط استحباباً بل الأفضل الوضوء قبله.
مسألة 232: يجب على الحائض قضاء ما فاتها من الصوم في شهر رمضان، بل والمنذور في وقت معيّن على الأحوط لزوماً، ولا يجب عليها قضاء الصلاة اليوميّة وصلاة الآيات والمنذورة في وقت معيّن.
مسألة 233: تصحّ طهارة الحائض من الحدث الأكبر غير الحيض، فإذا كانت جنباً واغتسلت عن الجنابة صحّ، وكذلك يصحّ منها الوضوء والأغسال المندوبة، نعم لا يصحّ منها غسل الجمعة قبل النقاء على الأحوط لزوماً كما سيأتي.
مسألة 234: يستحبّ لها التحشّي والوضوء في وقت كلّ صلاة واجبة، والجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ذاكرة لله تعالى، والأولى لها اختيار التسبيحات الأربع.
مسألة 235: يكره لها الخضاب بالحنّاء أو غيرها، وحمل المصحف، ولمس هامشه وما بين سطوره، وتعليقه.

المقصد الثالث غُسل الاستحاضة



فصل حدث الاستحاضة وأقسامها



مسألة 236: دم الاستحاضة - وهو ما تراه المرأة غير دم الحيض والنفاس والبكارة والقروح والجروح - في الغالب أصفر بارد رقيق يخرج بلا لذع وحرقة، عكس دم الحيض، وربّما كان بصفاته، ولا حدّ لكثيره ولا لقليله، ولا للطهر المتخلّل بين أفراده، ولا يتحقّق قبل البلوغ، وفي تحقّقه بعد الستّين إشكال، فالأحوط وجوباً العمل معه بوظائف المستحاضة.
وهو ناقض للطهارة بخروجه - ولو بمعونة القطنة - من المحلّ المعتاد بالأصل أو بالعارض، وفي غيره إشكال فلا يترك معه مراعاة الاحتياط، وإذا خرج ثُمَّ انقطع يبقى الحدث ما دام باقياً في فضاء الفرج، ولو لم‏ يخرج منه شيء لم‏ يوجب الحدث وإنْ علم بوجوده في فضائه.
مسألة 237: الاستحاضة على ثلاثة أقسام: قليلة، ومتوسّطة، وكثيرة.
الأُولى: ما يكون الدم فيها قليلاً، بحيث ىلوّث القطنة ولا‏ يغمسها.
الثانية: ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأن يغمس القطنة ولكن لا يتجاوزها إلى الخرقة التي فوقها.
الثالثة: ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأن يغمسها ويتجاوزها إلى الخرقة فيلوّثها.

فصل أحكام المستحاضة



مسألة 238: الأحوط وجوباً للمستحاضة أن تختبر حالها قبل الصلاة لتعرف أنّها من أيّ الأقسام الثلاثة، فلو شكّت أن استحاضتها قليلة أو متوسّطة تقوم بإدخال قطنة في الموضع وتصبر قليلاً ثُمَّ تخرجها وتنظر هل لوّثها الدم أم غمسها؟ فتعمل بمقتضى ذلك، وإذا صلّت من دون اختبار بطلت إلّا إذا طابق عملها الوظيفة اللازمة لها، هذا فيما إذا تمكّنت من الاختبار، وإلّا تبني على أنّها ليست بمتوسّطة أو كثيرة إلّا إذا كانت مسبوقة بها فتأخذ بالحالة السابقة حينئذٍ.
مسألة 239: حكم القليلة وجوب الوضوء لكلّ صلاة، فريضة كانت أو نافلة، دون الأجزاء المنسيّة وصلاة الاحتياط فلا يحتاج فيها إلى تجديد الوضوء، كما لا يحتاج إلى تبديل القطنة أو تطهيرها لكلّ صلاة وإن كان ذلك أحوط استحباباً.
مسألة 240: حكم المتوسّطة ما تقدّم في القليلة، ويضاف إليه على الأحوط لزوماً الغُسل كلّ يوم مرّة واحدة قبل الإتيان بالوضوء، بتفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى.
مسألة 241: حكم الكثيرة ثلاثة أغسال في كلّ يوم: غُسل لصلاة الصبح وغسل للظهرين تجمع بينهما وغسل للعشاءين كذلك، ولا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين بغُسل واحد، ولكن يجوز لها التفريق بين الظهرين أو العشاءين إلّا أنّه يجب عليها حينئذٍ الغُسل لكلٍّ منها.
ويكفي للنوافل أغسال الفرائض، ولا يجب عليها الوضوء مطلقاً، وإن كان الأحوط استحباباً أن تتوضّأ قبل كلّ غسل، والأحوط وجوباً أن تجدّد القطنة والخرقة لكلّ صلاة مع الإمكان.
ثُمَّ إنّ ما ذكر من وجوب ثلاثة أغسال عليها يختصّ بما إذا كان الدم صبيباً لا ينقطع بروزه على القطنة، وأمّا إذا كان بروزه عليها متقطعاً بحيث تتمكّن من الاغتسال والإتيان بصلاة واحدة أو أزيد قبل بروز الدم عليها مرّة أُخرى فالأحوط لزوماً الاغتسال عند بروز الدم، وعلى ذلك فلو اغتسلت وصلّت ثُمَّ برز الدم على القطنة قبل الصلاة الثانية وجب عليها الاغتسال لها، ولو برز الدم في أثنائها أعادت الصلاة بعد الاغتسال، وليس لها الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، ولو كان الفصل بين البروزين بمقدار تتمكّن فيه من الإتيان بصلاتين أو عدّة صلوات جاز لها ذلك من دون حاجة إلى تجديد الغسل.
مسألة 242: تأتي صاحبة المتوسّطة بالغسل - الواجب عليها احتياطاً - لكلّ صلاة حدثت قبلها، فإذا حدثت قبل صلاة الفجر اغتسلت لها، وإذا حدثت بعدها اغتسلت للظهرين، وإذا حدثت بعدهما اغتسلت للعشاءين، وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين اغتسلت للمتأخّرة منها، وفي جمىع الصور تغتسل لصلاة الصبح في الىوم التالي، وإذا حدثت المتوسّطة قبل صلاة الصبح ولم ­تغتسل لها عمداً أو سهواً اغتسلت للظهرين، وعليها إعادة صلاة الصبح على الأحوط لزوماً، وكذا إذا حدثت أثناء الصلاة استأنفتها بعد الغسل والوضوء.
مسألة 243: إذا حدثت الكبرى بعد صلاة الصبح وجب غُسل للظهرين وآخر للعشاءين، وإذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل واحد للعشاءين - على تفصيل في الصورتين يظهر ممّا تقدّم في المسألة (241) - وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخّرة منهما.
مسألة 244: إذا انقطع دم الاستحاضة انقطاع بُرء قبل الإتيان بالأعمال التي عليها أتت بها ولا إشكال، وإن كان بعد الشروع في الأعمال - قبل الفراغ من الصلاة - استأنفت الأعمال، وكذا الصلاة إن كان الانقطاع في أثنائها، وهكذا الحكم على الأحوط لزوماً فيما إذا كان الانقطاع لفترة تسع الطهارة والصلاة ولو البعض منها، وكذلك إذا شكّت في أنّ الانقطاع لبرء أو لفترة تسع الطهارة وبعض الصلاة، وإذا كان الانقطاع بعد الصلاة لم‏ تجب إعادتها، إلّا إذا كانت قد بادرت إليها مع رجاء الانقطاع فإنّ الأحوط لزوماً حينئذٍ إعادتها بعده.
مسألة 245: إذا علمت المستحاضة أنّ لها فترة تسع الطهارة والصلاة وجب تأخير الصلاة إليها على الأحوط لزوماً، وإذا صلّت قبلها ولو مع الوضوء والغسل أعادت صلاتها إلّا إذا حصل منها قصد القربة وانكشف عدم الانقطاع، وإذا كانت الفترة في أوّل الوقت فالأحوط لزوماً عدم تأخير الصلاة عنها، وإنْ أخّرت فعليها الصلاة بعد الإتيان بوظيفتها.
مسألة 246: لا يجب الغسل لانقطاع الدم في المستحاضة المتوسّطة، وأمّا في الكثيرة فوجوبه مبنيّ على الاحتياط فيما إذا كانت سائلة الدم ولم ‏يستمرّ دمها إلى ما بعد الصلاة التي أتت بها مع ما هو وظيفتها، وكذا في غيرها إذا لم‏ يظهر الدم على الكُرْسُف من حين الشروع في الغُسل السابق.
مسألة 247: إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين ولم ‏تجمع بينهما - ولو لعذر - وجب عليها تجديد الغُسل للعصر، وكذا الحكم في العشاءين، على ما تقدّم في المسألة (241).
مسألة 248: إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كالقليلة إلى المتوسّطة أو إلى الكثيرة، وكالمتوسّــــــــطة إلى الكثيرة، فإنْ كان قبل الشــروع في الأعمال لزمـــها أن تأتي بعمل الأعلى للصلاة الآتية، أمّا الصلاة التي أتت بها قبل الانتقال فلا يلزمها إعادتها، وإن كان بعد الشروع في الأعمال فعليها الاستئناف والإتيان بالأعمال التي هي وظيفة الأعلى كلّها، وكذا إذا كان الانتقال في أثناء الصلاة، فتأتي بأعمال الأعلى وتستأنف الصلاة، بل يجب الاستئناف حتّى إذا كان الانتقال من المتوسّطة إلى الكثيرة فيما إذا كانت المتوسّطة محتاجة إلى الغسل وأتت به، فإذا اغتسلت ذات المتوسّطة للصبح ثُمَّ حصل الانتقال أعادت الغسل حتّى إذا كان في أثناء الصبح، فتعيد الغُسل وتستأنف الصبح، وإذا ضاق الوقت عن الغُسل تيمّمت بدل الغسل وصلّت، وإذا ضاق الوقت عن ذلك أيضاً فالأحوط استحباباً الاستمرار على عملها ويجب عليها القضاء.
مسألة 249: إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى استمرّت على عملها للأعلى بالنسبة إلى الصلاة الأُولى، وتعمل عمل الأدنى بالنسبة إلى الباقي، فإذا انتقلت الكثيرة إلى المتوسّطة أو القليلة اغتسلت للظهر، واقتصرت على الوضوء بالنسبة إلى العصر والعشاءين.
مسألة 250: يجب على المستحاضة أن تصلّي بعد الوضوء والغُسل من دون فصل طويل مطلقاً على الأحوط لزوماً، لكن يجوز لها الإتيان بالأذان والإقامة والأدعية المأثورة وما تجري العادة بفعله قبل الصلاة، أو يتوقّف فعل الصلاة على فعله ولو من جهة لزوم العسر والمشقّة بدونه، مثل الذهاب إلى المصلّى، وتهيئة المسجد ونحو ذلك، وكذلك يجوز لها الإتيان بالمستحبّات في الصلاة.
مسألة 251: يجب عليها مع الأمن من الضرر التحفّظ من خروج الدم - ولو بحشو الفرج بقطنة وشدّه بخرقة - من حىن الشروع في الغُسل على الأحوط لزوماً إلى أن تتمّ الصلاة، فإذا قصّرت وخرج الدم أعادت الصلاة، بل الأحوط الأولى إعادة الغسل.
مسألة 252: لا يتوقّف صحّة الصوم من المستحاضة على الإتيان بما هو وظيفتها من الغُسل، كما لا يتوقّف جواز المقاربة على ذلك وإن كانت رعاية الاحتياط أولى، ويجوز لها أيضاً دخول المساجد وقراءة العزائم، ويحرم عليها مسّ كتابة المصحف ونحوها قبل تحصيل الطهارة، ويجوز لها ذلك قبل إتمام صلاتها دون ما بعده.

المقصد الرابع غُسل النفاس



فصل حدث النفاس وأقسام النفساء



مسألة 253: دم النفاس هو دم يقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها، على نحو يستند خروج الدم إليها عرفاً، وتسمّى المرأة في هذا الحال بالنفساء، ولا نفاس لمن لم‏ ترَ الدم من الولادة أصلاً أو رأته بعد فصل طويل بحيث لا يستند إليها عرفاً كما إذا رأته بعد عشرة أيّام منها، ولا حدّ لقليل النفاس فيمكن أن يكون بمقدار لحظة فقط، وحدّ كثيره عشرة أيّام، وإن كان الأحوط الأولى فيما زاد عليها إلى ثمانية عشر يوماً مراعاة تروك النفساء مضافاً إلى أعمال المستحاضة، ويلاحظ في مبدأ الحساب أُمور :
1. إنّ مبدأه اليوم، فإنْ ولدت في الليل ورأت الدم كان من النفاس ولكنّه خارج عن العشرة.
2. إنّ مبدأه خروج الدم لا نفس الولادة، فإنْ تأخّر خروجه عنها كانت العبرة في الحساب بالخروج.
3. إنّ مبدأه الدم الخارج بعد الولادة، وإن كان الخارج حينها نفاساً أيضاً.
ثُمَّ إنّ الأحوط وجوباً في النقاء المتخلّل بين نفاس واحد الجمع بين أحكام الطاهرة والنفساء، وكذا في النقاء المتوسّط بين ولادتين مع تداخل عشرتهما، كما إذا ولدت في أوّل الشهر ورأت الدم إلى تمام اليوم الثالث ثُمَّ ولدت في اليوم الخامس ورأت الدم أيضاً، نعم النقاء المتخلّل بين ولادتين مع عدم تداخل عشرتهما طهر ولو كانت لحظة واحدة، فإنّه لا يعتبر فصل أقلّ الطهر بين النفاسين، بل لا يعتبر الفصل بينهما أصلاً كما إذا ولدت ورأت الدم إلى عشرة ثُمَّ ولدت آخر على رأس العشرة ورأت الدم إلى عشرة أُخرى، فالدمان جميعاً نفاسان متواليان.
مسألة 254: الدم الذي تراه الحبلى قبل ظهور الولد ليس من النفاس كما مرّ، فإنْ رأته في حال المخاض وعلمت أنّه منه كان بحكم دم الجروح وإن كان الأحوط استحباباً أن ترتّب عليه أحكام دم الاستحاضة، وإنْ رأته قبل حالة المخاض أو فيها ولم ‏تعلم استناده إليه - سواء أكان متّصلاً بدم النفاس أم منفصلاً عنه بعشرة أيّام أو أقلّ - فإن لم يكن بشرائط الحيض فهو استحاضة، وإن كان بشرائطه فهو حيــض، لما مرّ من أنّ الحيــض يجتمع مع الحمــل ولا يعتبر فصــل أقلّ الطهر بين الحيـض المتقدّم والنفاس، نعم يعتبر الفصل به بين النفاس والحيض المتأخّر عنه، كمـا سيأتي.
مسألة 255: النفساء إذا رأت الدم واحداً فهي على أقسام:
1. التي لا يتجاوز دمها العشرة، فجميع الدم في هذه الصورة نفاس.
2. التي يتجاوز دمها العشرة، وتكون ذات عادة عدديّة في الحيض، وعلمت مقدار عادتها أو نسيتها - فإنّ الناسية تجعل أكبر عدد محتمل عادة لها في المقام - ففي هذه الصورة يكون نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة.
3. التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة عدديّة في الحيض - أي المبتدئة والمضطربة - ففي هذه الصورة يكون نفاسها عشرة أيّام، ولا ترجع إلى عادة أقاربها في الحيض أو النفاس ولا إلى عادة نفسها في النفاس.
مسألة 256: النفساء إذا رأت في عشرة الولادة أزيد من دم واحد، كأن رأت دمين أو ثلاثة أو أربعة وهكذا - سواء كان النقاء المتخلّل كالمستوعب لقصر زمن الدمين أو الدماء أم لم ‏يكن كذلك - ففيها صورتان:
الأُولى: أن لا يتجاوز شيء منها العشرة، ففي هذه الصورة يكون كلّ ما تراه نفاساً، وأمّا النقاء المتخلّل فالأحوط لزوماً الجمع فيه بين أعمال الطاهرة وتروك النفساء.
الثانية: أن يتجاوز الأخير منها اليوم العاشر وهي على قسمين:
الأوّل: أن لا تكون المرأة ذات عادة عدديّة في الحيض، وحكمها ما تقدّم في الصورة الأُولى، فما خرج عن العشرة من الدم الأخير يحكم بكونه استحاضة.
الثاني: ما إذا كانت ذات عادة عدديّة، فما تراه في مقدار أيّام عادتها نفاس، والأحوط لزوماً في الدم الخارج عن العادة إلى تمام العشرة الجمع بين تروك النفساء وأعمال المستحاضة.
مسألة 257: يعتبر فصل أقلّ الطهر - وهي عشرة أيّام - بين دم النفاس ودم الحيض الذي بعده كما كان يعتبر ذلك بين الحيضتين، فما تراه النفساء من الدم إلى عشرة أيّام بعد تمام نفاسها استحاضة مطلقاً سواء أكان الدم بصفات الحيض أم لم يكن، وسواء أكان الدم في أيّام العادة أم لم ‏يكن، ويعبّر عن هذه العشر بعشرة الاستحاضة، فإذا رأت دماً بعدها - سواء استمرّ بها أم انقطع ثُمَّ عاد - فهو على قسمين:
الأوّل: أن تكون النفساء ذات عادة وقتيّة، وفي هذا القسم ترجع إلى عادتها ولا ترجع إلى التمييز، فإن كانت العادة في العشرة التالية لعشرة الاستحاضة كان ما تراه فيها حيضاً، وإن لم‏ تكن فيها بل فيما بعدها انتظرت أيّام عادتها وإن اقتضى ذلك عدم الحكم بتحيّضها فيما بعد الولادة بشهر أو أزيد، وهذا كما إذا كان لها عادة وقتيّة واحدة في كلّ شهر وصادفت في الشهر الأوّل عشرة الاستحاضة.
الثاني: أن لا تكون لها عادة وقتيّة، فإن كانت ذات تمييز من جهة اختلاف لون الدم وكون بعضه بلون الحيض وبعضه بلون الاستحاضة - مع توفّر سائر الشرائط - رجعت إلى التمييز، وهو قد يقتضي الحكم بتحيّضها فيما بعد عشرة الاستحاضة بلا فصل، وقد يقتضي الحكم بعدم تحيّضها في شهر الولادة أصلاً، أو الحكم بتعدّد الحيض في شهر واحد، ففي جميع هذه الحالات ترجع مستمرّة الدم إذا كانت ذات تمييز إلى ما يقتضيه التمييز ولو في شهور متعدّدة، وأمّا إذا لم‏ تكن ذات تمييز بأن كان الدم ذا لون واحد في عشرة الاستحاضة وما بعدها إلى شهر أو شهور عديدة فحكمها التحيّض في كلّ شهر بالاقتداء ببعض نسائها و إن لم ىمكن فباختيار العدد الذي لا تطمئنّ بأنّه لا يناسبها كما تقدّم تفصيل ذلك كلّه في فصل الحيض.

فصل أحكام النفساء



مسألة 258: النفساء بحكم الحائض في الاستظهار عند تجاوز الدم أيّام العادة، وفي لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدم، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، ويحرم وطؤها، ولا يصحّ طلاقها.
والمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّ أحكام الحائض من الواجبات والمحرّمات والمستحبّات والمكروهات تثبت للنفساء أيضاً، ولكن جملة من الأفعال التي كانت محرّمة على الحائض تشكل حرمتها على النفساء وإنْ كان الأحوط لزوماً أن تجتنب عنها.
وهذه الأفعال هي:
1. قراءة الآيات التي تجب فيها السجدة.
2. الدخول في المساجد بغير اجتياز .
3. المكث في المساجد.
4. وضع شيء فيها.
5. دخول المسجد الحرام ومسجد النبيّ (صلّى الله علىه وآله) ولو على نحو الاجتياز .

المقصد الخامس غُسل الأموات وما ىلحق به من أحكام الأموات



وفيه فصول:

الفصل الأوّل أحكام الاحتضار



مسألة 259: الأحوط لزوماً توجيه المؤمن - ومن بحكمه - حال احتضاره إلى القبلة، بأن يوضع على قفاه وتمدّ رجلاه نحوها بحيث لو جلس كان وجهه تجاهها، والأحوط الأولى للمحتضر نفسه أن يفعل ذلك إن أمكنه، ولا يعتبر في توجيه غير الوليّ إذن الوليّ إن علم رضا المحتضر نفسه بذلك - ما لم يكن قاصراً - وإلّا اعتبر إذنه على الأحوط لزوماً.
وذكر العلماء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّه يستحبّ نقل المحتضر إلى مصلّاه إن اشتدّ عليه النزع ما لم‏ يوجب ذلك أذاه، وتلقينه الشهادتين، والإقرار بالنبيّ (صلّى الله علىه وآله) والأئمّة (علىهم السلام) وسائر الاعتقادات الحقّة، وتلقينه كلمات الفرج، ويكره أن يحضره جنب أو حائض، وأن يمسّ حال النزع بل الأحوط استحباباً تركه، وإذا مات يستحبّ أن تغمض عيناه، ويطبق فوه، ويشدّ لحياه، وتمدّ يداه إلى جانبيه، وساقاه، ويغطّى بثوب، وأن يُقرأ عنده القرآن، ويُسرج في البيت الذي كان يسكنه، وإعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته، ويعجّل تجهيزه، إلّا إذا شكّ في موته فينتظر به حتّى يعلم موته، ويكره أن يثقل بطنه بحديد أو غيره، وأن يترك وحده.

الفصل الثاني الغُسل



يعتبر في غُسل الميّت إزالة عين النجاسة عن جسمه، ولكن لا تجب إزالتها عن جميع الجسم قبل الشروع في الغُسل، بل يكفي إزالتها عن كلّ عضو قبل الشروع فيه.
ثُمَّ إنّ الميّت يغسل ثلاثة أغسال: الأوّل: بماء السدر، الثاني: بماء الكافور، الثالث: بالماء القراح، وكلّ واحد منها كغسل الجنابة الترتيبيّ مع تقديم الأيمن على الأيسر، ولا يكفي الارتماسيّ مع التمكّن من الترتيبيّ على الأحوط لزوماً، ولا بُدَّ فيه من النيّة على ما عرفت في الوضوء.
مسألة 260: يجب تغسيل الميّت وسائر ما يتعلّق بتجهيزه من الواجبات التي يأتي بيانها على وليّه، فعليه التصدّي لها مباشرة أو تسبيباً، ويسقط مع قيام غيره بها بإذنه بل مطلقاً في الدفن ونحوه، والوليّ بالنسبة إلى الزوجة زوجها، وفي غير الزوجة يكون هو الأولى بميراث الميّت من أقربائه - حسب طبقات الإرث - أي الأبوان والأولاد في الطبقة الأُولى، والأجداد والإخوة في الطبقة الثانية، والأعمام والأخوال في الطبقة الثالثة.
وإذا لم يكن للميّت وارث غير الإمام (علىه السلام) فالأحوط الأولى الاستئذان من الحاكم الشرعيّ في تجهيزه، وإن لم‏ يتيسّر الحاكم فمن بعض عدول المؤمنين.
مسألة 261: الذكور في كلّ طبقة مقدّمون على الإناث، وفي تقديم الأب على الأولاد، والجدّ على الأخ، والأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما، والأخ من الأب على الأخ من الأمّ، والعمّ على الخال إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك، ولا ولاية للقاصر مطلقاً، ولا للغائب الذي لا يتيسّر إعلامه وتصدّيه لتجهيز الميّت بأحد الوجهين مباشرة أو تسبيباً.
مسألة 262: إذا فقد الوليّ يجب تجهيز الميّت على سائر المكلّفين، وكذا مع امتناعه عن القيام به على أحد الوجهين - مباشرة أو تسبيباً - ويسقط اعتبار إذنه حينئذٍ.
مسألة 263: إذا أوصى إلى شخص معيّن أن يباشر تجهيزه لم يجب عليه القبول، ولكن إذا قبل لم‏ يحتج إلى إذن الوليّ، وإذا أوصى أن يتولّى تجهيزه شخص معيّن فالأحوط وجوباً له قبول الوصية - ما لم يكن حرجيّاً - إلّا إذا ردّها في حياة الموصي وبلغه الردّ وكان متمكّناً من الإيصاء إلى غيره، ولو قبل كان هو الأولى بتجهيزه من غيره.
مسألة 264: يعتبر في التغسيل طهارة الماء وإباحته، وإباحة السدر والكافور، ولا يعتبر إباحة الفضاء الذي يشغله الغسل وظرف الماء، ولا مجرى الغسالة ولا السُّدَّة التي يُغسّل عليها وإنْ كان اعتبار الإباحة في الجميع أحوط استحباباً، هذا مع عدم الانحصار وأمّا معه فيسقط الغسل فييمّم الميّت، لكن إذا غُسّل صحّ الغُسل.
مسألة 265: يجزىٔ تغسيل الميّت قبل برده، وإن كان أحوط استحباباً تأخيره عنه.
مسألة 266: إذا تعذّر السدر أو الكافور أو كلاهما فالأحوط وجوباً أن يغسّل الميّت بالماء القراح بدلاً عن الغُسل بالمتعذّر منهما مع قصد البدليّة به عنه، ومراعاة الترتيب بالنيّة، ويضاف إلى الأغسال الثلاثة تيمّم واحد.
مسألة 267: يعتبر في كلٍّ من السدر والكافور أن لا يكون كثيراً بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة، ولا قليلاً بحيث لا يصدق أنّه مخلوط بالسدر والكافور، ويعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما، فلا بأس أن يكون فيه شيء منهما إذا لم ‏يصدق الخلط، ولا فرق في السدر بين اليابس والأخضر .
مسألة 268: إذا تعذّر الماء أو خيف تناثر لحم الميّت بالتغسيل ييمّم بدلاً عن الغسل، ويكفي تيمّم واحد، وإن كان الأحوط استحباباً أن ييمّم ثلاث مرّات ويؤتى بواحد منها بقصد ما في الذمّة.
مسألة 269: يجب أن يكون التيمّم بيد الحيّ، والأحوط استحباباً ضمّ تيمّم آخر بيد الميّت إن أمكن.
مسألة 270: يشترط في الانتقال إلى التيمّم الانتظار إذا احتمل تجدّد القدرة على التغسيل، فإذا حصل اليأس جاز التيمّم، لكن إذا اتّفق تجدّد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل، وإذا تجدّدت بعد الدفن لم ‏يجز نبشه للغُسل ولكن إذا اتّفق خروجه فالأحوط وجوباً الغُسل، وكذا الحكم فيما إذا تعذّر السدر والكافور فغسل بدلهما بالماء القراح.
مسألة 271: إذا تنجّس بدن الميّت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجيّة أو منه وأمكن تطهيره بلا مشقّة ولا هتك وجب، وإن كان ذلك بعد وضعه في القبر على الأحوط لزوماً.
مسألة 272: إذا خرج من الميّت بول أو منيّ لا تجب إعادة غسله، وإن كان ذلك قبل وضعه في القبر .
مسألة 273: لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميّت على الأحوط لزوماً، ويجوز أخذ العوض على بذل الماء ونحوه ممّا لا يجب بذله مجاناً.
مسألة 274: لا يشترط أن يكون المغسِّل بالغاً، فيكفي تغسيل الصبيّ المميّز إذا أتى به على الوجه الصحيح.
مسألة 275: يجب في المغسِّل أن يكون مماثلاً للميّت في الذكورة والأُنوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثى ولا العكس، ويُستثنى من ذلك صور :
الأُولى: الطفل غير المميّز، والأحوط استحباباً أن لا يتجاوز عمره ثلاث سنوات، فيجوز حينئذٍ للذكر وللأنثى تغسيله، سواء أكان ذكراً أم أُنثى، مجرّداً عن الثياب أم لا، وجد المماثل له أم لا.
الثانية: الزوج والزوجة، فإنّه يجوز لكلٍّ منهما تغسيل الآخر، سواء أكان مجرّداً أم من وراء الثياب، وسواء وجد المماثل أم لا، من دون فرق بين الدائمة والمنقطعة، وكذا المطلّقة الرجعيّة إذا كان الموت في أثناء العدّة.
الثالثة: المحارم، أي كلّ من يحرم عليه نكاحه بنسب أو رضاع أو مصاهرة لا بغيرها كالزناء واللواط واللعان، والأحوط وجوباً اعتبار فقد المماثل، والأولى كون التغسيل من وراء الثياب، نعم لا يجوز النظر إلى العورة ولا مسّها وإن لم ‏يبطل الغُسل بذلك.
مسألة 276: إذا اشتبه ميّت أو عضو من ميّت بين الذكر والأنثى، غسّله كلٌّ من الذكر والأنثى.
مسألة 277: يعتبر في المغسِّل أن يكون عاقلاً مسلماً، بل يعتبر أن يكون مؤمناً على الأحوط لزوماً، وإذا لم ‏يوجد مؤمن مماثل للميّت أو أحد محارمه جاز أن يغسّله المخالف المماثل، وإن لم ‏يوجد هذا أيضاً جاز أن يغسّله الكافر الكتابيّ المماثل بأن يغتسل هو أوّلاً ثُمَّ يغسّل الميّت بعده، والأحوط استحباباً أن ينوي هو - إن أمكن - ومَنْ أمره بالغُسل - إن كان - وإذا أمكن أن يكون تغسيله بالماء المعتصم كالكرّ والجاري أو لا يمسّ الماء ولا بدن الميّت فهو الأحوط الأولى، وإذا تيسّر المماثل غير الكتابيّ بعد ذلك قبل الدفن فالأحوط لزوماً إعادة التغسيل.
مسألة 278: إذا لم ‏يوجد المماثل حتّى الكتابيّ سقط الغُسل ودفن بلا تغسيل.
مسألة 279: إذا دفن الميّت بلا تغسيل - عمداً أو خطأ - جاز نبشه لتغسيله أو تيمّمه، بل يجب إذا لم ‏يكن حرجيّاً - ولو من جهة التأذّي برائحته - وإلّا لم يجب إلّا على من تعمّد ذلك، وكذا الحال إذا ترك بعض الأغسال ولو سهواً أو تبيّن بطلانها أو بطلان بعضها، كلّ ذلك إذا لم‏ يلزم محذور من هتكه أو الإضرار ببدنه وإلّا فلا يجوز .
مسألة 280: إذا مات الشخص محدثاً بالأكبر - كالجنابة أو الحيض - لا يجب إلّا تغسيله غسل الميّت فقط.
مسألة 281: إذا كان الميّت مُحرِماً لا يجعل الكافور في ماء غُسله الثاني ولا يحنّط به ولا يقرّب إليه طيب آخر، ويستثنى من ذلك الحاجّ إذا مات بعد الفراغ من المناسك التي يحلّ له الطيب بعدها، ولا يلحق بالمُحْرم فيما ذكر المعتدّة للوفاة والمعتكف.
مسألة 282: يجب تغسيل كلّ مسلم ومَنْ بحكمه حتّى المخالف عدا صنفين:
الأوّل: الشهيد المقتول في المعركة مع الإمام أو نائبه الخاص، أو في الدفاع عن الإسلام، ويشترط أن لا يكون فيه بقيّة حياة حين يدركه المسلمون، فإذا أدركه المسلمون وبه رمق وجب تغسيله.
وإذا كان في المعركة مسلم (غير الشهيد) وكافر، واشتبه أحدهما بالآخر وجب الاحتياط بتغسيل كلٍّ منهما وتكفينه ودفنه.
الثاني: مَنْ وجب قتله برجم أو قصاص، فإنّه يغتسل - والأحوط لزوماً أن يكون غُسله كغُسل الميّت المتقدّم تفصيله - ويحنّط ويكفّن كتكفين الميّت، ثُمّ ىُقتل فيصلّى عليه ويدفن بلا تغسيل.
مسألة 283: الأحوط لزوماً عدم قصّ ظفر الميّت وعدم إزالة شيء من شعره سواء بالحلق أو القصّ أو النتف.
iraqnt
iraqnt
إدارة الموقع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع ذات صلة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى