تشكيل اللجان الإعلامية، وتعيين منسقين في الاندية والاتحادات الرياضية، حالة صحية وعلامة من علامات التقدم، فهي ظاهرة شائعة، بل سياق متبع في معظم دول العالم، حيث يسهم تشكيل هذه اللجان في ايجاد مناخ ملائم من التفاهم بين وسائل الاعلام والمؤسسات الرياضية يساعد على توضيح وجهات النظر المختلفة، ومعالجة المشاكل والازمات. لكن يبدو ان المعادلة معكوسة كالهرم المقلوب في اتحاد الكرة، حيث سعى من سعى الى تشكيل لجنة اعلامية بعيدا عن اتحاد الصحافة، وعندما اسقط في يده وخابت آمال مستشاريه في السر نتيجة للموقف المشرف الذي اتخذه معظم اعضاء الهيئة العامة، عاد مرغما كي يختبئ وراء قامات صحفية شامخة، ويستخدمها كمصدات ضد اي صوت ينتقد اخطاءه، ويجيّر برصيدها المهني وتاريخها مواقفه من هذا الطرف او ذاك.
ولعل البيان الاخير الذي صدر عن الدائرة الاعلامية للاتحاد يفضح نواياه، ويكشف مقاصده، اذ وظف الاتحاد مجموعة من الصحفيين للرد بأسلوب فج على زملائهم، مستغلا اسماءهم لا اقلامهم لإطلاق التهم، والدفاع عن نفسه بكلمات اقل ما يقال انها لا تليق بأية مؤسسة رياضية محترمة، ولا غرابة في ذلك، فأعضاء الدائرة المحترمون لا يعرفون شيئا عن البيان، اذ صاغته انامل معتادة على القبض تحت الطاولة وفوقها بلا خجل او وجل، فهي لا تتورع على ذبح الحقيقة، وقلب الوقائع بحدة الورق مهما كان لونه احمر ام اخضر.
ولان اتحاد الكرة يعيش في الوهم، فهو يسعى الى زرع بذور الفرقة بين الكادحين في شارع الصحافة، ويراهن على استقطابهم تحت شتى المغريات، بعد ان نجحت مساعيه على صعيد الاعلام المرئي، حيث السباق لتوزيع المنتخبات الوطنية كمنسقين في اجتماع معيب يؤسس لثقافة المكاسب الضيقة لا التخطيط والعمل للارتقاء بواقع الاتحاد المزري، وتحسين صورته، وتصفية تركته، ومحو اثار الماضي القريب.
ولا اعلم ماذا سيكون موقف الصحفيين الحقيقيين في دائرة الاتحاد من البيان؟ هل سيعصبون اعينهم، ويضعون اصابعهم في اذانهم، ويفضلون السفر وامتيازاته، ام يزلزل ما حدث تاريخهم المهني، ويحرك سواكنهم، ويرفضوا ان يستخدمهم الاتحاد لتصفية حساباته مع شركاء الامس، ويقولوا (لا) تردد صداها الاجيال الجديدة التي اكتشفت مع الاسف ان بعض الاسماء الكبيرة مجرد فقاعات صغيرة.
عموما ان سياسة اللف والدوران مع الصحافة هو رهان خاسر بامتياز، وعلى اتحاد الكرة ان يعي جيدا ان حاضره ومستقبله تكتبه صاحبة الجلالة التي تظل محتفظة بعنفوانها مهما عج بلاطها بالصعاليك والدخلاء، لذا فإذا اراد النجاح عليه بمنهج الصراحة والوضوح والابتعاد عن الضغائن والمحسوبيات، اللهم اني بلغت اللهم فإشهد.