اغلق الخليج ابوابه بوجه البصرة ليختم ملف الدورة، ويضعه في ادراج المستقبل، حيث انطفأت جذوة الامل في تضييف اول بطولة كروية دولية على ارض الرافدين، بعد ان اغتال الأشقاء حلم التنظيم بقرار عاجل، لم يمهل المدينة الرياضية لتشمخ في الجنوب مثل جذع نخلة عملاق يمثل عنفوان الفيحاء كثغر باسم. والحقيقة ان العراق قد اعتاد الاحباط، فلا يشعر بالحزن من دوامة التأجيل، الا انه يستطعم مرارة الظلم من اخوة يوسف وهم يرونه يقع بلا ناصر يعينه على عاديات الزمن، حيث يستكثرون ويستكبرون ان يجمعهم في مضيفه لأيام معدودات تحت ذرائع شتى لا تنتهي، بل كانت تزيد كلما اقتربت ساعة الحقيقة لتأزف عن صدود وتخدير لجسد شارف على الموت مرات عدة ، الا انه ظل صابرا صامدا لا ينحني برغم العواصف والرعود.
غلق ملف الخليج على صعيد التنظيم فتح باب الخلافات على مصراعيه، واستدعى ضغائن مؤجلة لا تخلو من تصفية الحسابات بين هذا الطرف او ذاك، الا ان الحقيقة التي لا ترتقي اليها الظنون هي ان الجميع ناضل من اجل البصرة، وحشد طاقاته من اجل تضييفها للحدث، فوزارة الشباب عملت بجد، وسخرت جميع امكاناتها في سبيل انجاح البطولة، وكذلك فعل اتحاد الكرة الذي طالما سعى لطمأنة الدول المشاركة عبر تعهداته بتلبية كافة الاحتياجات، اذ انصهرت جهود الجميع في بوتقة حب الوطن والعمل باخلاص لإعلاء شأنه.
ان قرار نقل البطولة لا يتعلق بقصور معين من هذا الطرف او ذاك، بل هو توجه سياسي يرتبط بإرهاصات المرحلة الراهنة التي يعيشها البلد، فلا ملاعب اليمن الاصطناعية افضل من مدينة البصرة الرياضية المطعونة في الداخل والخارج، على الرغم من كونها لا تزال مشروع حلم لم تكتمل ملامحه.
المقدمات تقود الى النتائج، ومطالب بموافقة الفيفا، ومزاعم بتلوث المدينة، كانت تمهيدا لقرار مبيت يقضي بحرمان البصرة على وفق آلية تأجيل الازمة الى حين ومساندة البحرين، بالمقابل يجب ان لا يثنينا ما حصل عن مواصلة الجهود، واستكمال المدينة في الوقت المحدد، وافتتاحها بكرنفال يجعلنا نفتخر بما تحقق، فأفضل رد على الإقصاء هو البناء والإعمار.
ولا يجب ان نحمل اتحاد الكرة ما لا يطيق، او نطالبه بهدم المعبد على من فيه، فوشائجه مع دول الخليج يفترض ان تظل بلا شروخ، لاسيما ان بعضها اضحى الملعب الوحيد للمنتخبات الوطنية، كما يفترض بمجلس محافظة البصرة ان يرتقي الى مستوى الحدث، فالبطولة لا تعني المدينة الرياضية وحدها