الوصية
صفحة 1 من اصل 1
الوصية
الوصية
في غرفة مظلمة يتخلل ستائرها ضوء خفيف ليس فيها أثاث غير سرير يرقد عليه صديقي علي وكرسي جلست عليه بجانبه وقد طلب حضوري لآمر هام .بعد أن اهتم بحضوري قلت له أرسلت بطلبي هل من شئ :
قال : نعم اني احس بأن أيام رحيلي قد قربت وأريد أن أطلب منك خدمة .
قلت : وما هي .
قال : أتذكر يوما " عندما كنا نسير على الجسر الحديدي فوق النهر قرب الغابة .
قلت نعم .
قال : أتذكر ما دار بيننا من حديث .
قلت : أتذكربعضه والآخر عفا عليه الزمن , فلاحظت وجهه وقد رسمت عليه ابتسامة صفراء في وجه شاحب وقال بصوت خافت : نعم يا أحمد انك كما عرفتك ثم سكت برهة" وأخذ الصمت يدور في أرجاء الغرفة ثم انتبه لي قائلا" : ايه يا أحمد أتذكر عندما حدثتك عن حبي لها على ذينك الجسر ؟
قلت : نعم الكل يهوى ويحب ويتزوج وماذا في ذلك ؟
قال : ولكنك لم تتزوج لحد الآن ؟ ولم تحب على ما أعتقد ؟
أعتلت الحمرة وجهي خجلا" وغضبا" قلت: الكثير لم يحظى بحب أو يتزوج وأنا واحدٌ منهم وهذا ليس عيبا" البتة . ثم استرسل بكلامه قائلا" : أحمد ليس لدي وقت طويل لاجادلك وقبل أن يتم حديثه دخلت بنت" وكأنها فلقة قمر كستنائية الشعر بيضاء الوجه بنت في نصف العقد الثاني من عمرها على ما أضن فقال لها سلمي على عمك أحمد فرحبت بي ثم مضت فقال : هذه ابنتي زهرة وهي ما تبقت لي من هذه الدنيا .
فقلت : نعم اني أتذكرها عندما كانت بعمر السنتين فقاطعني قائلا": توفيت والدتها بعد ستة أشهر على حادثتي عندما بترت ساقي في المعركة أتذكر.
قلت : صحيح أتذكر ذلك ثم أخذ يدور عينيه في أرجاء الغرفة أما أنا فتذكرت لهيب المعركة التي اشتعلت في ليلة ظلماء حالكة السواد لا يرى فيها غير ضوء بضعة تناوير حمراء اللون ووميض المدفعية البعيد كأنه البرق الذي يخطف الابصار وأصوات القذائف المتساقطة والتي لا حصر لها وصوت الاطلاقات بشكل رشقات كثيفة وسريعة حتى لا نعرف مصدر اطلاقها وصياح الجرحى يا ألهي منظر حقيقة" لا يحتمل ونحن بالقرب من الاسلاك الشائكة متخندقين نراقب بحذر شديد وصوت الآمر المزعح عبر الاسلكي يحذر بأن هجوم العدو البري وشيك جدا" احذروا .. احذروا ... يقظة وحذر ... يقظة وحذر ...وهذه حقيقة نعرفها لآن قنابر الهاون العدو أصبحنا ضمن مدياتها وهذا يعني ان العدو قريب جدا" وفي هذه الآثناء سقطت قذيفة هاون بالقرب منا فسقطت مغشيا" عليٌ وبعد برهة أستعدت وعيي وأنفاسي وصعقت بصياح علي فلاحظت أن رجله قد قطعت فتلمست رأسه وصدره وهو يصحيح عاليا" من أثر الصدمة فصحت به أهدأ .. أهدأ رأسك وصدرك سليمين فصاح رجلي ..رجلي لا أحس بها رجلي أين أخي حمزة لماذا لايلحقني .. لماذا أناديه ولا يرد علي ؟ فعبرته وأنتيهت الى حمزة التي كانت لي ذكريات جميلة معه حيث نشأنا معا" وجدته أشلاء مقطعة وفيما كنت أسترسل ذكرياتي الفظيعة أنتبهت وأذا أنا بالغرفة مع علي فقال لي : ما بك أراك سرحت بخيالك بعيدا" عني أكلمك ولا ترد علي ؟ قلت لا شئ مجرد لحظات سهو وانتهت قال لي بصوت خافت : يا أحمد أرسلت بطلبك لآستأمنك على أبنتي زهرة وانت أهل لذلك وأنت تعرف لم يبقى لها في الدنيا سواي وأنا على فراش الموت التقط أنفاسي بصعوبة فبادرته بالقول : ان زهرة في عيني بعد طول العمر لك .
فقال : أريد أن تكون لها أبا" وعما" وأنت ما تبقى لي من الدنيا ولا أريدها أن تبقى وحيدة ذليلة وأرجو الله أن يعزها بك وسألته ان كان يطلب شيئا" أخر فقال لي : لا أريد شيئا" من الدنيا الا ما طلبته منك .
فقلت : أتركك لترتاح ولك ما أردت ان شاء الله .
فقال : اذهب في أمان الله واذا ما حصل مكروه لي زهرة ستتصل بك .
قلت : حسنا" في أمان الله .
بعد ثلاثة أسابيع من مقابلتنا رن جرس الهاتف واذا بصوت بكاء طفلة فعرفتها زهرة ....
قلت : ما يبكيكي يا زهرة ؟
قالت : لقد توفي أبي الساعة .
قلت سأتيك حالا" .
فسارعت الى البيت أخبروني أن المشيعون في المقبرة فتوجهت فوجت الناس دفنوه وتفرقوا عنه ولم الا بعض النسوة وزهرة التي تنوح وتبكي بصوت عال فأتيتها مواسيا" بعد أن سلمت على النسوة وكان بعض المعارف الخواص من الأصدقاء قد بقوا معها وتحدث بعضهم بكفالتها مع علمهم بوصية أبيها المرحوم بكفالتي لها فرفضت وبعد ذلك تفرق الجميع ... وسمعت صوت طفلة تقول ماما ... ماما لم يبقى أحدفي المقبرة الا ذاك الرجل والبنت .......
في غرفة مظلمة يتخلل ستائرها ضوء خفيف ليس فيها أثاث غير سرير يرقد عليه صديقي علي وكرسي جلست عليه بجانبه وقد طلب حضوري لآمر هام .بعد أن اهتم بحضوري قلت له أرسلت بطلبي هل من شئ :
قال : نعم اني احس بأن أيام رحيلي قد قربت وأريد أن أطلب منك خدمة .
قلت : وما هي .
قال : أتذكر يوما " عندما كنا نسير على الجسر الحديدي فوق النهر قرب الغابة .
قلت نعم .
قال : أتذكر ما دار بيننا من حديث .
قلت : أتذكربعضه والآخر عفا عليه الزمن , فلاحظت وجهه وقد رسمت عليه ابتسامة صفراء في وجه شاحب وقال بصوت خافت : نعم يا أحمد انك كما عرفتك ثم سكت برهة" وأخذ الصمت يدور في أرجاء الغرفة ثم انتبه لي قائلا" : ايه يا أحمد أتذكر عندما حدثتك عن حبي لها على ذينك الجسر ؟
قلت : نعم الكل يهوى ويحب ويتزوج وماذا في ذلك ؟
قال : ولكنك لم تتزوج لحد الآن ؟ ولم تحب على ما أعتقد ؟
أعتلت الحمرة وجهي خجلا" وغضبا" قلت: الكثير لم يحظى بحب أو يتزوج وأنا واحدٌ منهم وهذا ليس عيبا" البتة . ثم استرسل بكلامه قائلا" : أحمد ليس لدي وقت طويل لاجادلك وقبل أن يتم حديثه دخلت بنت" وكأنها فلقة قمر كستنائية الشعر بيضاء الوجه بنت في نصف العقد الثاني من عمرها على ما أضن فقال لها سلمي على عمك أحمد فرحبت بي ثم مضت فقال : هذه ابنتي زهرة وهي ما تبقت لي من هذه الدنيا .
فقلت : نعم اني أتذكرها عندما كانت بعمر السنتين فقاطعني قائلا": توفيت والدتها بعد ستة أشهر على حادثتي عندما بترت ساقي في المعركة أتذكر.
قلت : صحيح أتذكر ذلك ثم أخذ يدور عينيه في أرجاء الغرفة أما أنا فتذكرت لهيب المعركة التي اشتعلت في ليلة ظلماء حالكة السواد لا يرى فيها غير ضوء بضعة تناوير حمراء اللون ووميض المدفعية البعيد كأنه البرق الذي يخطف الابصار وأصوات القذائف المتساقطة والتي لا حصر لها وصوت الاطلاقات بشكل رشقات كثيفة وسريعة حتى لا نعرف مصدر اطلاقها وصياح الجرحى يا ألهي منظر حقيقة" لا يحتمل ونحن بالقرب من الاسلاك الشائكة متخندقين نراقب بحذر شديد وصوت الآمر المزعح عبر الاسلكي يحذر بأن هجوم العدو البري وشيك جدا" احذروا .. احذروا ... يقظة وحذر ... يقظة وحذر ...وهذه حقيقة نعرفها لآن قنابر الهاون العدو أصبحنا ضمن مدياتها وهذا يعني ان العدو قريب جدا" وفي هذه الآثناء سقطت قذيفة هاون بالقرب منا فسقطت مغشيا" عليٌ وبعد برهة أستعدت وعيي وأنفاسي وصعقت بصياح علي فلاحظت أن رجله قد قطعت فتلمست رأسه وصدره وهو يصحيح عاليا" من أثر الصدمة فصحت به أهدأ .. أهدأ رأسك وصدرك سليمين فصاح رجلي ..رجلي لا أحس بها رجلي أين أخي حمزة لماذا لايلحقني .. لماذا أناديه ولا يرد علي ؟ فعبرته وأنتيهت الى حمزة التي كانت لي ذكريات جميلة معه حيث نشأنا معا" وجدته أشلاء مقطعة وفيما كنت أسترسل ذكرياتي الفظيعة أنتبهت وأذا أنا بالغرفة مع علي فقال لي : ما بك أراك سرحت بخيالك بعيدا" عني أكلمك ولا ترد علي ؟ قلت لا شئ مجرد لحظات سهو وانتهت قال لي بصوت خافت : يا أحمد أرسلت بطلبك لآستأمنك على أبنتي زهرة وانت أهل لذلك وأنت تعرف لم يبقى لها في الدنيا سواي وأنا على فراش الموت التقط أنفاسي بصعوبة فبادرته بالقول : ان زهرة في عيني بعد طول العمر لك .
فقال : أريد أن تكون لها أبا" وعما" وأنت ما تبقى لي من الدنيا ولا أريدها أن تبقى وحيدة ذليلة وأرجو الله أن يعزها بك وسألته ان كان يطلب شيئا" أخر فقال لي : لا أريد شيئا" من الدنيا الا ما طلبته منك .
فقلت : أتركك لترتاح ولك ما أردت ان شاء الله .
فقال : اذهب في أمان الله واذا ما حصل مكروه لي زهرة ستتصل بك .
قلت : حسنا" في أمان الله .
بعد ثلاثة أسابيع من مقابلتنا رن جرس الهاتف واذا بصوت بكاء طفلة فعرفتها زهرة ....
قلت : ما يبكيكي يا زهرة ؟
قالت : لقد توفي أبي الساعة .
قلت سأتيك حالا" .
فسارعت الى البيت أخبروني أن المشيعون في المقبرة فتوجهت فوجت الناس دفنوه وتفرقوا عنه ولم الا بعض النسوة وزهرة التي تنوح وتبكي بصوت عال فأتيتها مواسيا" بعد أن سلمت على النسوة وكان بعض المعارف الخواص من الأصدقاء قد بقوا معها وتحدث بعضهم بكفالتها مع علمهم بوصية أبيها المرحوم بكفالتي لها فرفضت وبعد ذلك تفرق الجميع ... وسمعت صوت طفلة تقول ماما ... ماما لم يبقى أحدفي المقبرة الا ذاك الرجل والبنت .......
محمود الربيعي- v.i.p في الشبكة
رد: الوصية
الف شكر الف شكر الف شكر الف شكر الف شكر
الف شكر الف شكر الف شكر الف شكر
الف شكر الف شكر الف شكر
الف شكر الف شكر
الف شكر
شكر
شكر
الف شكر
الف شكر الف شكر
الف شكر الف شكر الف شكر
الف شكر الف شكر الف شكر الف شكر
الف شكر الف شكر الف شكر الف شكر الف شكر
على الموضوع الرائع
Abu Idris- v.i.p في الشبكة
رد: الوصية
قصة رائعه واستمتعت بقرائتها
احسنت الاختيار اخي الحبيب لا تحرمنا من ابداعك وتألقك
.
.
.
.
تقبل تحيتي لك
احسنت الاختيار اخي الحبيب لا تحرمنا من ابداعك وتألقك
.
.
.
.
تقبل تحيتي لك
iraqnt- إدارة الموقع
رد: الوصية
شكرا" عزيزي أمير أشكر حضورك ومتابعة القراءة هو حافز لي ............
محمود الربيعي- v.i.p في الشبكة
رد: الوصية
اختيار روووعه يدل على روعة صاحب الموضوع
شكرا لك على القصة الجميلة حبي
شكرا لك على القصة الجميلة حبي
PRINCE LOVE- إدارة الموقع
مواضيع ذات صلة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى